تخطى إلى المحتوى

◎○تعليم الصِّبيان القرآن حديث ‹ ٤ ›

عن عبد ﷲ بن عبَّاس رضي ﷲ عنهما قال : توفِّي رسول ﷲ ﷺ وأنا ابن عشر سنين ؛ وقد قرأتُ المحكم .
قال شعبة : قلتُ لأبي بشر : ما المحكم ؟
قال : المفصَّل ⑴.

الأحكام والآداب المتعلِّقة بالحديث :

١- رغَّب النَّبي ﷺ الآباء في تعليم صبيانهم القرآن تلاوة وحِفظاً .

ــ عن بريدة الأسلمي ـ رضي ﷲ عنه ـ قال : قال رسول ﷲ ﷺ : « من قرأ القرآن وتعلَّمه وعمل به ؛ أُلبِس يوم القيامة تاجاً من نور ؛ ضوؤه مثل ضوء الشَّمس ؛ ويُكسىٰ والداه حُلَّتان لا يُقوَّم بهما الدُّنيا .
فيقولان : بمَ كُسينا ؟
فيُقال : بأخذ ولدِكُمَا القرآن » ⑵.

٢ـ اهتمَّ السَّلف الصَّالح بتعليم صبيانهم القرآن ؛ فسارعوا إلىٰ تعليمهم كتاب ﷲ منذ أوَّل نشأتهم ؛ وجعلوه من أوائل العلوم تحصيلاً وتعلُّماً بعد التَّوحيد والإيمان .

ــ قال زيد بن ثابت ـ رضي ﷲ عنه ـ : أُتي بي إلىٰ رسول ﷲ ﷺ فقالوا : غلامٌ من الخزرج قد قرأ ستَ عشرة سورة ⑶.

ــ قال وكيع ـ رحمه ﷲ ـ : كان لإبراهيم الحربي ـ رحمه ﷲ ـ ابنٌ ؛ وكان له إحدىٰ عشرة سنة ، قد حفظ القرآن ؛ ولقَّنه من الفقه شيئاً كثيراً ⑷.

ــ قال أبو محمَّد بن اللبان : حفِظتُ القرآن ولي خمس سنين ⑸.

٣ـ من شدَّة اهتمام علماء السَّلف بالقرآن وحفظه ؛ كانوا يمنعون الصَّبي من حضور مجالس الحديث قبل حفظ كتاب ﷲ تعالىٰ ؛ حتَّىٰ لا ينشغل بالحديث وكتابته وحفظه عن القرآن وضبطه .

ــ قال حفص بن غياث ـ رحمه ﷲ ـ : أتيت الأعمش فقلتُ : حدِّثني .
قال : أتحفظ القرآن ؟
قلت : لا .
قال : اذهب فاحفظ القرآن ؛ ثمَّ هلُمَّ أُحدِّثك .
قال : فذهبتُ فحفظت القرآن ؛ ثمَّ جئته فاستقرأني ، فقرأته ، فحدَّثني ⑹.

ــ عن الوليد بن مسلم قال : كنَّا إذا جالسنا الأوزاعي ـ رحمه ﷲ ـ فرأىٰ فينا حدثاً
قال : يا غلام ؛ قرأتَ القرآن ؟
فإن قال : نعم .
قال : اقرأ { يوصيكم ﷲ في أولادكم }
وإن قال : لا .
قال : اذهب تعلَّم القرآن قبل أن تطلب العلم ⑺.

٤ـ كان من هدي السَّلف الصَّالح – رحمهم ﷲ – في تعليم صبيانهم القرآن :

أن يُعلِّموهم القليل القليل من الآيات ؛ فكان منهم من لا يتجاوز في تعليمه عشر آيات ؛ ومنهم لا يتجاوز في حِفظه خمس آيات ؛ ومنهم من لا يتجاوز آية .

ــ قال أبو العالية رحمه ﷲ : تعلَّموا القرآن خمس آيات ؛ فإنَّه أَحفَظ لكم ⑻.

ــ قال أبو بكر بن عيَّاش ـ رحمه ﷲ ـ : قال لي عاصم ـ ابن أبي النجود ـ : ألا تقرأ عليَّ كما قرأ يحيىٰ علىٰ عبيد بن نضلة كلّ يوم آية ⑼.

٥ـ سبب اقتصار السَّلف الصَّالح علىٰ حفظ القليل من الآيات ؛ ليكون أمكن في الحفظ ؛ وأسهل في العمل ، فإنَّ مقصودهم من حِفظه ؛ هو التدبّر لمعانيه ؛ والعمل بما فيه ؛ وليس مقصودهم حفظ حروفه ، وتضييع حدوده ؛ كحال كثيرٍ من النَّاس اليوم .

ــ قال أبو عبد الرحمـٰن السُّلمي : حدَّثنا الذين يُقرئوننا : أنَّهم كانوا يستقرئون من النَّبي ﷺ ، فكانوا إذا تعلَّموا عشر آيات لم يخلفوها ؛ حتَّىٰ يعملوا بما فيها من العمل ، فتعلَّمنا القرآن والعمل جميعاً ؛ وإنَّه سيرث القرآن بعدنا قومٌ ؛ ليشربوه شرب الماء ، لا يُجاوز تراقيهم ⑽.

٦ـ كان السَّلف ـ رحمهم ﷲ ـ يُكرهون صبيانهم علىٰ تعلُّم القرآن وحفظه ؛ إذا أبىٰ الصَّبي ذلك ورأىٰ وليُّه منه النَّجابة والحفظ .

ــ قال عكرمة : كان ابن عبَّاس ـ رضي ﷲ عنهما ـ يجعل الكِبْل في رجلي علىٰ تعليم القرآن والسُّنَّة ⑾.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
⑴. رواه البخاري .
⑵. رواه ابن أبي شيبة ‹ ١٠٠٩٤ › .
⑶. تاريخ دمشق .
⑷. تاريخ بغداد ‹ ٦/٣٧ › .
⑸. السير ‹ ١٢/١٥٠ › .
⑹. المحدث الفاصل ‹ ٨٦ › .
⑺. الجامع لأخلاق الرَّاوي .
⑻. رواه ابن أبي شيبة ‹ ٩٩٨٠ › .
⑼. غاية النهاية ‹ ٤٩٨/١ › .
⑽. طَّبقات ابن سعد ‹ ٦/١٧٢ › .
⑾. رواه أبو نعيم في الحلية .

arالعربية